
ألحان فرحات: “لماذا الفدراليّة؟! كي لا يحلّ ويربط في لبنان أمثال جهبذ الخارجية”
كتب الروائي ومؤسّس ائتلاف الشباب اللُّبناني ألحان فرحات
في بلدٍ ضعيف منقوص السيادة كلبنان؛ بلدٍ يعيش على الإعانات و “الصَّدقة” من القريب والبعيد. في بلدِ المواقف “الدونكيشوتية” وأبطال السيادة والحرية المزعومة، “يتنطح” للعلن مسؤول غير مسؤولٍ ليصرّح ضدّ الرّوس في حربهم على أوكرانيّا، وكأنّ تصريحاته تُسمن أو تغني أو لها أيّ وقعٍ دبلوماسي مؤثّر، بيدَ أنّها لن تكون سوى نُكتة سمجة على طاولة المفاوضات الدوليّة، فتصحّ في شخصِ الوزير “الحكمة الأسديّة” وما أدراكم ما هي الحكمة الأسديّة!!
مَن يقرأ بيان وزير خارجيّة لبنان -وزير الصُّدفة- يشكّ للحظة بأنّ ذاك الأخير يشغلُ منصب وزيرَ خارجيةٍ في بلدٍ عضوٍ داخل حلف الناتو، ذي أسلحة حربيّة نوعيّة أو ترسانة نوويّة تفعل فعلها على الساحة الأمميّة أو العالميّة.. ولا يظنّ البتّة أنّ ذاك المسؤول (غير المسؤول) يحملُ حقيبة الخارجيّة لبلدٍ خرج عن الخريطة العالمية بفضل “الجهابذة” من عياره، وهو الوزير في دولةٍ تحكمها دويلة ورجال عصابات، تقعُ جغرافيًا في مدى مرمى السلاح الروسي المتوسط قبل الكبير، الموجود على حدودنا وربما قريبًا على أرضنا.. أمّا وفي حال قرر الدبّ الروسي وضع إصبعه فقط فوق الخريطة حيث يتربّع لبنان على ضفاف المتوسط لمحاهُ عن بكرة أبيه.. رحِم الله امرءٍ عرف قدره فوقف عنده.
نحن كفدراليين بالطبع لسنا مع الحروب، كما وننبذ كلّ أشكال الاقتتال بين الأمم ونؤيد السلم والسلام، خاصة أنّ لبنان (في زمن المفكرين والفلاسفة قبل أن يحلّ زمن المحل والصعاليك) قد ساهم وبشكلٍ أساس في وضع شرعة حقوق الانسان، بل نؤيّد الحياد وعدم التدخل في صراع الأمم بأيّ شكلٍ من الأشكال (خطابات، بيانات او غيره) علّنا ننجح في اعادة بناء الدولة. فالفدرالية تقوم على مبدأ الحياد أولا، وهو مبدأ أساس يساهم في تحييد لبنان عن كافة الصراعات الدوليّة وصون ما تبقى من بقايا الدولة اللبنانيّة. إنّ الفدرالية لا تحصر القرارات المركزيّة بفئةٍ أو حزبٍ أو شخصيّة، بل بقرارٍ سياسيٍّ اتّحادي منبثق عن رؤية ورغبة ممثلين كافة مكوّنات الشعوب اللبنانيّة، كما تحدّ من التسويات السياسيّة، وتقونن الحياة الطائفيّة في سبيل تكريس العدالة الإجتماعية.
تبقى الفدرالية خلاص لبنان الوحيد، والعبرة لمن يعتبر.. على أمل أن لا يكون قد فات الأوان.