
إنتخابات رئاسة الجمهوريّة تقترب والإشارات الخارجيّة بعيدة والتوافق الداخلي لم يحصل الراعي ينقلها من “الرئيس القوي” الى “الحيادي” وعون يخشى من فراغ فيها
المصدر: “جريدة الديار – كما ذبيان”
تقدم الاستحقاق الرئاسي على تشكيل الحكومة التي قد لا تبصر النور في عهد الرئيس ميشال عون وهو شارف على نهايته اذ يفصل اللبنانيين عن اختتام ولايته نحو اقل من ثلاثة اشهر اذ يبدأ في اول ايلول المقبل الموعد الدرستوي لدعوة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية.
ويعلن الرئيس عون في كل مناسبة بأنه سيؤمن انتقالا طبيعيا لرئيس جديد، كما حصلت الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، لكنه في الوقت نفسه يخشى ان تواجه الانتخابات الرئاسية مصير تشكيل الحكومة التي ما زالت تراوح مكانها ويحصل فراغ رئاسي منذ ان قدم الرئيس نجيب ميقاتي صيغته المعدلة للحكومة الحالية والمستقيلة الى رئيس الجمهورية ولم يوافقه عليها لان لكل منهما مواصفاته لها وهذا ما قد ينطبق على انتخاب رئيس للجمهورية، الذي بدأ وضع المواصفات التي هي بمثابة شروط من كل جهة للرئيس المقبل الذي ينظر اليه كل فريق وطرف سياسي او مرجعية دينية من منظار مختلف عن الاخر وهذا ما قد يؤخر التوافق او حصول تسوية داخلية مدعومة خارجيا في انتخاب رئيس للجمهورية والذي تشير المعلومات على انه لم ترد اشارة خارجية بعد عن اسم من سيكون رئيسا للبنان اذ كل النصائح الدولية والاقليمية تشجع على حصول ونجاح الاستحقاق الرئاسي.
وافتتح البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي موسم الانتخابات الرئاسية بمواصفات لا تنطبق على مرشحين سياسيين، او من يسمون انفسهم مرشحون طبيعيون لرئاسة الجمهورية امثال رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اذ يحاول سيد بكركي بمواصفاته ان يكون رئيس الجمهورية حياديا اي التفتيش عنه بين اسماء شخصيات مارونية لا تتمتع بصفة “الرئيس القوي” او الممثل الفعلي والحقيقي للمسيحيين وهو الشعار الذي رفع للعماد ميشال عون ليخطو باتجاه القصر الجمهوري مدعوما من حليف قوي هو “حزب الله” اختاره لانه كان صادقا بتفاهمه معه ووقف الى جانب المقاومة لا سيما في اثناء العدوان الاسرائيلي صيف 2006.
فالرئيس القوي داخل طائفته ثم الابتعاد عنه وفق مواصفات بكركي وشروط “التيار الوطني الحر” السابقة فبات الرئيس “الحيادي” هو المرغوب مسيحيا، مع تجربة الرئيس عون كما يقول معارضون له وبات “المزاج المسيحي” يميل الى رئيس يحمل ملامح الشخص الذي ليس حزبيا لانه سيجير عهده لصالح مكاسب تفيد محازبيه وهذه تجارب حصلت في عهد الرئيس امين الجميل وسمي عهده بـ “الكتائبي” وتكررت مع مؤسس “التيار الوطني الحر” ورئيسه ميشال عون، وهو ما جرى ايضا في رئاسىة مجلس النواب مع الرئيس نبيه بري كما في رئاسة الحكومة التي تحولت مع الرئيس رفيق الحريري ونجله سعد الى تحقيق مغانم ومصالح لما سمي بـ “الحريرية السياسية”.
والاتجاه عند فريق من السياسيين برعاية بكركي ان يكون الرئيس المقبل قريبا من مواصفات شخصية الرئيس الياس سركيس الذي كان من خط “الشهابية” او ما يسمى “النهج” وقد تم ترشحيه مرتين الاولى ضد الرئيس سيلمان فرنجية في العام 1970، وسقط على صوت واحد، والثانية عام 1976 وفاز على العميد ريمون اده الذي لم يكن مدعوما كما خصمه من النظام السوري وحلفائه في لبنان حيث لم يمارس سركيس دورا فاعلا الا في العامين الاولين من عهده بأن اتى بحكومة غير سياسية ترأسها سليم الحص الشخصية السنية المغمورة والذي تعرف عليه سركيس في لجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان فشكل هذا الثنائي مشروعا اصلاحيا الا ان الصراعات الخارجية والمحاور الدولية، والوجود الفلسطيني المسلح يضاف اليه دخول قوات الردع العربية التي كانت في غالبيتها سورية ربطت ازمة لبنان بأزمات المنطقة وبصراع الجبارين الاميركي والسوفياتي والحرب الباردة بينهما وزيارة انور السادات الى “اسرائيل” وتوقيع مصر معاهدة سلام معها.
وعلى مسافة زمنية قريبة من الاستحقاق الرئاسي يجري التداول بمواصفات وتطرح اسماء الا انه لم تظهر بعد صورة المرحلة المقبلة اذ ما زالت انتخابات رئاسة الجمهورية ضبابية، لان صناعتها ليست محلية، بل دولية – اقليمية وهي تتبلور في ظل لعبة الامم ومصالحها.