
القومي بتنظيميه يغيب عن الترشيح في عاليه – الشوف إستياء في صفوف القوميين.. ومُقاطعة الإنتخابات نحو نظام جديد
المصدر: “جريدة الديار – كمال ذبيان”
غاب الحزب «السوري القومي الاجتماعي» بتنظيميه عن الترشيح في دائرة جبل لبنان الرابعة (عاليه – الشوف)، وهي المرة الاولى التي لا يكون فيها مرشح «قومي اجتماعي» في الانتخابات منذ عقود، الا في ظروف سياسية قاهرة كمرحلة ما بعد الثورة القومية الاجتماعية الثانية، التي سميت بالانقلاب العسكري الذي قام به ضباط قوميون في الجيش بمساندة الحزب الذي كان برئاسة الدكتور عبدالله سعاده نهاية عام 1961.
فانتشار الحزب «القومي» مع مؤسسة انطون سعاده، كان الاكثر في جبل لبنان لا سيما في الشوف الذي اقام فيه مهرجانات شعبية حاشدة منذ تأسيسه في العام 1932 ، فكان يوم عماطور وبعقلين وعين زحلتا في الشوف، وكذلك في قضاء عاليه حيث مكث سعاده في عين عنوب في منزل رافع حمدان وانتقل الى بشامون وقرى مجاورة بعيدا عن اعين السلطة اللبنانية التي كانت تلاحقه واصدرت مذكرة توقيف ضده في العام 1947 بعد عودته الى الوطن من غيابه القسري الذي ابعدته عنه قوى الاستعمار الفرنسي في العام 1937.
هذا من تاريخ الحزب «القومي» في الجزء الجنوبي من جبل لبنان، والذي له فيه مشاركة فعلية في معركة الاستقلال عن الانتداب الفرنسي، وسقط له الشهيد سعيد فخر الدين في عين عنوب، اضافة الى ما قدمه «القوميون الاجتماعيون» من شهداء في معركة وحدة لبنان ضد مشروع تقسيمه من الجبل، الى مشاركته الفعلية في المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، فكانت له عمليات في اكثر من منطقة، من العبادية الى بيصور وبشامون وشملان والشويفات والباروك والسمقانية وباتر، وسقط فيها شهداء، ومن ابرزهم نضال الحسنية، وبطل احدى العمليات الاستشهادية وجدي الصايغ، وابتسام حرب وعاطف النداف احد مخططي ومنفذي الهروب الكبير من معتقل انصار الذي اقامه الاحتلال الاسرائيلي.
هذه المحطات المضيئة في تاريخ «القوميين الاجتماعيين» يأتي من يحاول ان يلغيها ، يقول «قوميون اجتماعيون» ساءهم ان يغيب تمثيلهما في مجلس النواب لمنطقة كان لهما دائما مرشحون فيها، من انعام رعد الى عصام العريضي، وفاز الدكتور انطون حتي عن احد المقاعد المارونية في عاليه عام 1996 التي ترشح فيها محمود عبد الخالق وشوفي خيرالله، وفي الشوف فارس ذبيان وسمير عون.
لذلك، طُرح السؤال عن تغييب «القوميين» عن الانتخابات النيابية التي لا ترى اكثريتهم في التنظيمين او المبتعدين عنهما ضرورة المشاركة فيها، لان التجربة في مجلس النواب ومثلها في الحكومة لم تساهم في الاصلاح في النظام السياسي، ولم تمنع الانهيار الذي تسبب بافقار وتجويع اللبنانيين، حيث تتجه الغاليبة من «القوميين» واصدقائهم الى مقاطعة الانتخابات التي لن يجيّروا اصواتهم فيها الى مرشحين لا يمثلون مبادئهم ولا اهدافهم في بناء دولة مدنية، بل من سيكونون معهم على اللوائح او خارجها ويدعمونها من ضمن التحالف السياسي، وهم من اركان الفساد وقوى طائفية ومذهبية ولا يجمعهم الا القليل مع القوميين كالمقاومة ضد العدو الصهيوني، الذي كان سعادة اول المحذرين من خطره الوجودي في عشرينات القرن الماضي، وباشر الكفاح المسلح ضده منذ العام 1936 ، حيث انشأ «منظمة الزوبعة» بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 ودعا الى مقاومتها، والتي مارساه «القوميون الاجتماعيون» في كل الميادين عسكريا وفكريا واعلاميا وسياسيا، وشاركوا مع فصائل المقاومة الفلسطينية في عمليات، لا سيما في منظمة «ايلول الاسود»، الى بطولات تم تسطيرها ضد عملاء للعدو الاسرائيلي الذي ينظر «القوميون» الى الحرب معه على انها حرب وجود.
من هنا، فان انكفاء الحزب «القومي» بجناحيه عن الترشيح، هو تخل عن تاريخ مجيد ومشرف للقوميين في المنطقة، اذ يتحدث مسؤولون في التنظيمين، بانه لم يتقدم احد من «القوميين» للترشح، وهذا التبرير يكشف عن مدى التردي الذي وصل اليه الوضع في حزب عرف بنظاميته ومناقبية اعضائه، يقول احد القياديين السابقين في الحزب، الذي يتحسر على ما آل اليه الحزب، اذ اصبحت الترشيحات فيه بمن حضر والتحالفات غب الطلب. فكان على قيادتي الجناحين، الا يشاركا في انتخابات ستعيد انتاج السلطة نفسها التي تثور عليها الاكثرية من اللبنانيين، لكنهم لا يرون البديل الحقيقي والفعلي للتغيير، وتبديل النظام السياسي القائم بآخر يقوم على فصل الدين عن الدولة واسقاط الطائفية منه لمصلحة المواطنة وبناء جيش قوي لحماية لبنان وقيام اقتصاد منتج شعاره توزيع غنى لا فقر.