
دولة المواطنة أعمدتها: الولاء للوطن، الديمقراطية، سيادة القانون، والعدالة الإجتماعية، أهي حلم ؟.. أم مشروع قابل للتنفيذ؟..”
في النظام الديمقراطي المواطن هو مصدر السلطات، ويختار التوجهات العامة في تدبير شؤون الحياة السياسية، من خلال ممارسة حقه الانتخابي، وطالما يوجد "ساسة أسياد"، لا وجود لشعب يتصف بالسيادة ” إذن لا يمكن الحديث عن مواطنة في إطار حكم استبدادي" ، وبحسب ما يقول "نيكولوس مكيافيللي" أن الممارسة السياسية هي فن "حطِّم البشر"، وهي تقنية ومهارة وخصال يمتلكها الحاكم للحفاظ على قوة دولته وضمان استمراريتها، ومن أجل التحكم في زمام السلطة وإخضاع الشعب بقوة السيف والإكراه.
“ليبابيديا – فادي رياض سعد”
نحن اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى تعزيز ثقافة النظام والانتماء لدى الفرد والتخلي عن الشخصنة وتعزيز مفاهيم دولة المواطنة لا سيما أننا كشعب معنيون بإعادة بناء الدولة وانتشال لبنان من وسط ركام الانهيار الذي يعاني منه.
ولا شك أن الوصول إلى إنضاج شروط تحقيق النظام النهائي للعيش المشترك في إطار نظام سياسي ديمقراطي ليس بالأمر السهل ويعترضه عقبات كثيرة ويواجه مخاض عسير وطويل، لا سيما أننا نعيش في دولة طوائف دينية وسياسية جعلت من المجتمع مجموعة من الجزر المنعزلة متعددة “البواصل” الثقافية والدينية والاجتماعية والسياسية والتي تتقاطع في أهدافها وتطلعاتها وطموحاتها السياسية. ولكنه ليس بالأمر المستحيل إذا ما توافرت الإرادة والشروط المطلوبة والظروف المؤاتية، والإصرار على ارساء ركائز دولة مدنية على خلاصة الفكر البشري الإنساني، الوطني، الثقافي، الاجتماعي، الإداري والسياسي الحديث، ولا بد أن يترافق مع هذه العملية ثلاث أمور أساسية:
الأول :
التركيز على بناء الانسان اولاً، بعيداً عن اي اعتبارات مذهبية او طائفية او عرقية او قبلية… على قاعدة الانسانية والأخلاق والمناقب الوطنية، ووفقاً للمؤهلات والطاقات الفكرية المدعمة بثقافة النظام وثقافة تطبيق القوانين على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات. بهدف الوصول الى مجتمع قوي مدعم بالمعرفة والعلم والثقافة،”المجتمع معرفة، والمعرفة قوة” . إذ لا يمكن أن نحلم بالدولة العصرية طالما أننا لا نؤمن بالقوانين وتطبيقها الا باستنسابية وفقا لمصالحنا الشخصية او مصلحة الجماعة، علماً بأن اللبناني يحظى بتقدير كبير في انحاء الكرة الأرضي لإلتزامه المطلق بتطبيق القوانين واحترامها.
الثاني:
انتاج سلطة جديدة نابعة من ارادة الناس، اولاً، واختيار طبقة سياسية من اصحاب الكفاءات العالية والاختصاص في السياسة، الاقتصاد، المال، الاجتماع، الفن والابداع، وهم كُثُر في لبنان داخل الأحزاب وداخل كافة الشرائح الاجتماعية، هذا هو المعبر الوحيد لبناء دولة المؤسسات على مبدأ فصل السلطات، واستقلالية السلطة القضائية، والسلطات الرقابية، دولة ديمقراطية يتم تداول السلطة فيها بطريقة طبيعية وفقا لإرادة الشعب الحرة عبر الصناديق الانتخابية. وبناءً للدستور ونصوصه التي تحكم مسار الأمور والقضايا الوطنية والمصيرية.
الثالث:
ترسيخ القناعات لدى كافة اطياف المجتمع بالدولة الحديثة، وهي دولة المواطنة التي يعيش فيها الجميع تحت سقف القانون والمساواة في الحقوق والواجبات، وهي الدولة التي تمثل جزءا فاعلا من محيطها الإقليمي والدولي، وتبني علاقات مع جميع دول العالم على أساس المصلحة الوطنية “اولاً” والمصالح المشتركة لشعوبها “ثانياً”، وتشارك بفاعلية في حفظ الأمن والسلم والاستقرار العالمي، وتكون قادرة على الدفاع عن سيادتها واستقلالها من أي اعتداء من اين ما أتى، وتكون جزء من العالم تسعد وتنعم بما يسعد به العالم، وتتألم لما يتألم له العالم، وشريك فاعل في اهتماماته وأولوياته وحاجاته.
فهل نحن جاهزون؟؟