
عين زحلتا: حكاية حلوة وبلدة لبنانية، عريقة، جميلة، وأصيلة، وردت في الأساطير الفينيقيةالقديمة،
عين زحلتا – نبع الصفا / عروس الشوف
زيارة البلدة
على بعد 39 كلم إلى الجنوب الشرقي من بيروت وفوق أعلى مرتفعات جبل لبنان، بالقرب من أهم وأكبر غابات الأرز التاريخية، تقع بلدة عين زحلتا، (عروس الشوف) وترتفع حوالي 1250 م عن سطح البحر، يمكنك الوصول اليها عبر طريق الشام الدولية مروراً بعاليه، بحمدون وصوفر وصولاً إلى المديرج.
وفي طريقك اليها يطالعك على يسارك منظراً رائعاً لوادي لا مارتين، نسبةً الى الشاعر الفرنسي (لامارتين) الذي أعجب جداً بهذا المكان الجميل، الذي يضم مجموعة من أجمل البلدات اللبنانية حمّانا، الشبانية، قرنايل، والجوار، وعند وصولك إلى المديرج، هناك طريق فرعية على يمين الطريق توصل إلى البلدة، على بعد 11 كلم جنوباً، مروراً ببلدات لبنانية جميلة، عين داره، العزونية، المشهورة بمصحها الصحي، ثم أغميد ومشقيتي لتطل على مشارف عين زحلتا/نبع الصفا، حيث المقاهي والمطاعم المشهورة على ضفاف النهر والشلالات الموجودة في البلدة، إضافةً إلى الفنادق الحديث منها والقديم ، والتي يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من قرن، والتي كانت مقصداً للسياح والمصطافين من جميع أنحاء العالم.
وفي طريقك إليها، أطلق لناظريك العنان للتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة والجميلة، غابة أرز عين زحلتا ، وأرز الباروك، والبيوت القديمة في القرى المقابلة التي تزين الجبل في تلك المنطقة.
كما يمكنك الوصول إليها عن طريق خلدة، الدامور، دير القمر، الباروك، عين زحلتا.
موقع مميز في لبنان
عين زحلتا حكاية حلوة وبلدة لبنانية، عريقة، جميلة، وأصيلة، وردت في الأساطير الفينيقيةالقديمة، حيث تروي الأسطورة، أنه عند مصب النهر، تبارز الإله دامور، إبن السماء (زحل) مع أونتس إله اليونانيين، وقد إنتصر (دامور) الفينيقي على أونتس اليوناني، فسقط هذا مغلوباً على أمره، فتهللت السماء بإبنها، وتم تسمية النهر (دامور) في المصب، (وعين زحل) في المنبع، ومع الوقت تحور ليصبح (عين زحلتا).
وارتبط اسم عين زحلتا تاريخياً بالمثيولوجية الفينيقية ، حيث كانت منطقة فتاح قمر عند منبع الماء، والمسمى عين الحلاف، قاعدة لجمع الصمغ “اللبان” والأعشاب لتصديرها إلى الخارج، وأخشاب الأرز لصناعة السفن، وتقع هذه المنطقة على مقربة من أكبر غابة أرز في لبنان والمنطقة، والتي تحتوي على أكثر من مئة ألف شجرة أرز، واصبحت محمية طبيعية منذ العام 1994 .
وقد تم العثور على تمثال برونزي في منطقة فتاح قمر، حيث كان يوجد معبداً للإله فتاح، يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، ويوجد هذا التمثال حالياً في متحف اللوفر- باريس، وكذلك وجدت بعض الأواني القديمة والنواويس والتي تعود إلى نفس التاريخ.
ويوجد أيضاً أحد المواقع الأثرية، ويقال أنه برج من الأبراج التي بناها فخر الدين في أيام الحكم المعني، الذي أصبح فيما بعد كنيسة للطائفة الإنجيلية، إضافةً إلى عدد من الكنائس وألأديرة ودور العبادة الموجودة في البلدة.
بلدة غنية بطبيعتها
ما هو أهم، أن هذه البلدة غنية جداً بمصادر المياه الطبيعية، حيث يوجد عدد كبير من الينابيع وعيون الماء، منها، نبع الصفا، نبع الرعيان، عين الحلاف، نبع التنور، نبع البرانية، نبع وادي الجعيتة في محمية الأرز عين الضيعة وعين الجوزة عين الجديدة،وعين القلعة، ونلفت إلى أن مياه نبع الصفا والرعيان خفيفة وتساعد على الهضم، وكذلك مياه عين الحلاف، وتجدر الإشارة إلى أن أول مشروع لكهرباء بيروت أنشيء في منطقة عين زحلتا نبع الصفا في العام 1927 .
ومن مياه نبع القاع الذي ينبع في وادي عين زحلتا، جرّ الأمير بشير الشهابي إلى قصره في بيت الدين سنة 1810، كما إنها غنية بمناجم الرمل ألأبيض الذي يستخدم في صناعة الزجاجويعتبر من أجود أنواع الرمل المستخدم في هذه الصناعة عالمياً.
وتشتهر عين زحلتا أيضاً، بالإنتاج الزراعي من أرضها الخصبة، التفاح، الدراق، الكرز، الإجاص، والعنب، ومن أهم إنتاجها الزراعي، الصنوبر، حيث توجد غابات كبيرة منه.
أرز الشوف
تمتاز منطقة الشوف بمناظرها الخلابة، وبكونها مركز إصطياف يمكن الزائر من ممارسة المشي والتجوال في الجبال، بيد أن ميزتها الأولى تكمن في احتضانها أكبر غابات الأرز المعروفة بـ “أرز الباروك”، “أرز عين زحلتا”، “معاصر الشوف”، “الخريبة”، “مرستي”، “جباع”، “نيحا”، “بمهريه”، و “عين داره”.
وكانت هذه البلدات قواعد لجمع الصمغ وألأعشاب لتصديرها إلى الخارج وتحديداً إلى المصريين الذين كانوا يستخدمونها لحاجاتهم الطبية والمدفنية، فيما طلب أخشابها سليمان الملك لبناء هيكله المشهور، كما كان يستعمل خشب الأرز لبناء السفن عند الكنعانيين والفينيقيين.
وإذا كانت الطبيعة في لبنان هبة فريدة من الله، فإن الإعتناء بها والحفاظ على جمالها وسحرها وفرادتها، أمر من شأن الإنسان، واللبناني الواعي ثروته الطبيعية، يدرك أن الحفاظ عليها عملٌ إلزامي متواصل، حتى يبقي على مافيها من كنوز حبانا إياها الـله وخصّنا بها دون الكثيرين، فلا أقل من أن يتكلّف الجهد، رسميُّه والخاص، من أجل الإعتناء بثروتنا المتميزة والحفاظ عليها أمانة تسلمناها من آبائنا ونسلمها إلى إلى أجيالنا إرثاً لا يقدر بثمن.
هذا ما حصل في الشوف، حفاظاً على الثروة النادرة في أرزه الرائع الجمال، ففيما غابات لبنان إجمالاً تعرضت لقطع أشجارها، والحرائق المأساوية، حتى تدنّت نسبة غابتنا الطبيعية إلى مادون 5% مما كانت عليه، ظلت منطقة الشوف بجبالها الشاهقة، وغاباتها الجميلة، بمنأى نسبي عن الخطر، فحافظت إلى حد كبير على تراثها الطبيعي، من غابات ومعالم أثرية، وإذا كانت الهجرة منها إلى المدينة، أثرت على بعض ملامحها، إضافةً إلى الزحف العمراني، فإن التفكير بإنشاء محمية في المنطقة كان فكرة رائعة لضمان حماية الطبيعة والبيئة، وأكثر: لتحفيز التنمية الدائمة إقتصادياً وسياحياً وبيئياً، وأكثر بعد: العمل على التوعية البيئية للأجيال الجديدة.
ففي آذار 1994، تأسست ( جمعية أرز الشوف) علم وخبر رقم أ.د 148/تاريخ 16/3/1994، بهيئة تأسيسية ضمت الوزير وليد جنبلاط، النائب علاء الدين ترّو، أغوب جوخدريان، أسعد رحال ورائف أبو شقرا.وبدأت الهيئة تحركاً مكثفاً ناشطاً، نجم عنه صدور قانون في مجلس النواب رقم (532) تاريخ 1996-07-24 شرّع مشروع ( محمية أرز الشوف) من حيث المواد الجزائية والقانونية التي تحمي التنفيذ رسمياً، بحدود رسمية لها، من تومات نيحا جنوباً حتى عين داره / ضهر البيدر شمالاً من جهتي الجبل الغربية والشرقية ( أي 70% منها في منطقة الشوف و30% في منطقة البقاع الغربي)، فتكون مساحة المحمية نحو 550 كلم مربع (50 ألف هكتار، أي نحو 5% من مساحة لبنان) وطولها نحو 50 كلم وعرضها نحو 11 كلم وإرتفاعها بين 1500 و 2000 متر في أعلى قممها وهي تشمل مشاعات تسع قرى، سبعٌ منها في قضاء الشوف واثنتان في قضاء عاليه، كالتالي:
قضاء الشوف: نيحا، جباع، مرستي، الخريبة، معاصر الشوف، الباروك وعين زحلتا.وقضاء عاليه: بمهريه وعين داره.
– ومن أهداف إنشاء المحمية:
– منع الصيد في حرمها. – منع رعاي المواشي.- منع قطع الأشجار. – من استخراج أية مواد من داخل المحمية.- وقف أي نشاط أو مشروع يضر بحماية البيئة، على مسافة 500 متر من حدود المحمية. – عدم التعرض للأملاك الخاصة المتداخلة في المشاعات أو المحيطة بها. وتتضمن خطة العمل في المحمية النقاط التالية:
1 – تأهيل الغابات والسهول وألأراضي إيكولوجياً وإنمائياً.
2 – التوصل إلى تصنيف المحمية بما يحمي التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية فيها.
3 – تأهيل الطرق والممرات
4 – إقامة المنشآت لإستقبال الزواروامهتمين بالسياحة البيئية.
لتنطلق الورشة فعلياً بتاريخ 25/3/1997 بفريق عمل يتكون من 11 موظفاً ومرشداً وجوالاً، يعمل تحت إشراف جمعية أرز الشوف، وبالتسيق والتعاون مع وزارة البيئة، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والإتحاد العالمي للحفاظ على البيئة، وباقي المحميات في لبنان، بتمويل من مؤسسة التمويل البيئي العالمي والحكومة اللبنانية والتبرعات.
ثروة طبيعية غنية.
تتميز ( محمية أرز الشوف ) بالغنى البيولوجي المذهل، ففيها من ألأرز اللبناني وحده، ما يزيد عن مليوني أرزة ( أكبر نسبة أرز في لبنان)، وهي بهذا تعتبر الحد ألجنوبي الأقصى لإنتشار أرز لبنان على الكرة الأرضية. وتتوزع أشجار الأرز على ثلاث غابات أساسية : غابة أرز الباروك (400 هكتار)، غابة أرز المعاصر (6 هكتارات) وغابة أرز عين زحلتا (100 هكتار) ، إضافةً الى ثلاث غابات صغيرة أخرى في: المعاصر، نيحا، مطلّ عمّيق (البقاع الغربي). ومن حسن الحظ أن أرز الباروك، بسهر المعنيين، بقي بعيداً عن رعاية المعزى والمواشي، مما جعل أشجاره تتكثف في العشرين سنة الأخيرة وتتوالد وتنشيء أجيالاً جديدة من ألأرز.
ومع الأرز، تشمل المحمية أحراجاً عديدة من الصنوبر والسنديان والعفص والملول واللوز البري والإجاص البري واللك واللبنة وعشرات سواها، إلى مئات من أنواع ألأزهار والنباتات البرية والأعشاب الموسمية والدائمة، بعضها ذو فائدة إقتصادية وبعضها الآخر طبي يجري العمل المخبري على تصنيفه. وأحصى فريق المحمية عدداً كبيراً من الثدييات البرية، منها: ظبي الجبل، الخنزير البري، الذئب، الضبع، إبن أوى، الثعلب، الغرير، النمس، السنجاب، الخلد، الأرنب البري، النيص، الهر البري، العنجل، وسواها، ونحو 120 نوعاً من الطيور المهاجرة إلأى المحمية، يتكاثر منها باستمرار 22 نوعاً من عقبان وصقور وحجال وطيور مختلفة تعشش في حرم المحمية، منها طائر الحجل، أبو زريق، الشحرور، الغراب، العويق، المَطوَق، المقرَّن، الحميراء، الصلنج، الترّغل، سمُّن الصخرة، دوري الجبل، الحسّون وسواها.
وهي مهيأة ، إذا أتيح لفريق العمل فيها أن يتوغل في دراساته وأبحاثه وتحقيق مشاريعه، أن تصبح ضوءاً عالمياً على الخارطة اليسياحية الدولية، سياحياً وبيئياً ، يضاف إلى ما يحققه لبنان من أنوار بهية على مستوى العالم.
اليكم بعض الأفلام الوثائقية عن بلدتنا الجميلة “عين زحلتا – نبع الصفا”