أكبر كتاب في العالم
المقالة الأسبوعيةخاص ليبا بيديافادي رياض سعد

قانون الانتخاب: “بين مطرقة الطائفة، وسندان السياسة!!!”

ليبابيديا – “فادي رياض سعد”

مع إغلاق باب الترشيحات وبدء التصفيات لتشكيل اللوائح، بدأ العدّ العكسي الفعلي لموعد الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، وارتفعت و تيرة الحملات الانتخابيّة والمواقف السّياسيّة وانخراط الأحزاب والنّاشطين والقيادات السّياسيّة في التّحضير للمعركة الانتخابيّة، بعد هدوء نسبيّ في الأشهر الماضية، وبدأت الماكينات الانتخابية حركتها على أرض الواقع.

وبالرغم من هذه الأجواء الإيجابية التي توحي بحتمية إجراء الانتخابات، الا أن شبح التأجيل يلوح في الأفق وعاد للظهور مجدداً وبقوة، لأسباب متعددة “داخلية، اقليمية ودولية”، والكل يتبرأون منه، ما عدا بعص الأصوات التي تعالت من القوى السياسية المعارضة التي تراهن على تغيير تركيبة البرلمان، وحذرت من أي نية لتأخيرها أو تأجيلها بهذه الحجة أو تلك….

ومهما يكن من أمر ذلك، فإن مصير هذا الاستحقاق ينحصر بأمرين، إما “إنجاز الانتخابات” وانتاج مجلس نيابي جديد “بغض النظر عن النتائج وطبيعة التركيبة الجديدة”، وإما “تأجيلها” والتمديد للمجلس الحالي، وبنتيجة الأمرين سيكون المجلس النيابي أمام مسؤولية وطنية كبيرة، “مُلزمة وحتميّة”، تتمثّل بحزمة كبيرة من القوانين الملحّة والضرورية التي من شأنها إنتشال لبنان من أزماته المتراكمة والمستجدة على حدٍّ سواء،  ولا مفرّ للمجلس من تحمل هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإقرار التشريعات المطلوبة للانتقال الى ضفة التعافي.

فمع  كل استحقاق انتخابي، ندخل في دهاليز السياسة والمحاصصة وكواليس الطائفية، ويُطلق السياسيون  العنان لمحركاتهم التشريعية تُفضي الى عقد جلسات ماراتونية يتخللها النقاش والسجال وشد الحبال بين الأطراف الرئيسية المكونة للبرلمان والحكومة، بهدف تحقيق المكاسب وضمان مقاعدهم في البرلمان وضمان مواقعهم السياسية متمسكين بمكتسباتهم ومناطقهم، تحت مسميات مُبتدعة “كالديمقراطية التوافقية” التي ينمو تحت عباءتها النفاق والتناقضات، والتي تفرض معاييرها المتمرّدة على الدستور ودولة المؤسسات … وتنتج قوانين مفصّلة على قياسهم، إما بزيادة دوائر،  أو إلغاء دوائر،  أو  دمج دوائر… وتوزيعها طائفيا وسياسياً وفقا للمصالح، تتّسم بشوائب كثيرة ومخالفات دستورية كبيرة بالنصوص والممارسات وعمليات الالتفاف على الدستور ببدع يختلقونها، مرةً لتعطيل التشريعات، ومرةً لتأجيل الانتخابات ومرارا للمناكفات السياسية…..

“سياسيون ومرشحون، تهتمّون بأمور كثيرة، وتضطربون! والمطلوب واحد !”

“قانون إنتخاب”يُنتج مجلساً نيابياً جديداً ينحصر دوره بالتشريع ومراقبة السلطة التنفيذية والمحاسبة، يتمتّع باستقلالية العمل على سنّ التشريعات وإقرار القوانين المدنية،  بدءاً بإقرار “قانون موحّد للأحوال الشخصية”، “قانون الزواج المدني الاختياري”، “قانون إستقلالية القضاء والفصل بين السلطات”، “قانون التعيينات وفقاً لمعايير الكفاءة والنزاهة” “شطب المذهب والطائفة من سجلات النفوس وكافة المستندات الرسمية” وغيرها من القوانين البنيوية…. التي من شأنها أن ترتقي بلبنان الى دولة مؤسسات، حديثة وعصرية، وإنتاج سلطة جديدة نابعة من إرادة شعبية، تكون المعبر لبناء دولة علمانية.  “تلغي الطائفية من النفوس”.

ولا إمكانية للخروج من هذه الدوامة الا من خلال إقرار هذا القانون، “قانون انتخاب جديد” يشكّل حجر الأساس لبناء الدولة المدنية، ينص على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي”، يعتمد “النسبية” أو “الدائرة الفردية”، يمنع الجمع بين النيابة والوزارة، تكون مدة ولايته أربع سنوات، على أن تُجرى العملية الانتخابية كل سنتين، بحيث يتم انتخاب نصف أعضاء المجلس مع انقضاء سنتين، وانتخاب النصف الأخر في السنتين التاليتين،  وكل سنتين، مما يضمن ضخ الدماء الجديدة في البرلمان وضمان شرعيته، وقطع الطريق على الصفقات، قانون عصري نابع من إرادة “الشعب”، وفقاً للفقرة “د”  من مقدمة الدستور، “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة ويمارسها عبر المؤسسات الدستورية”. بحيث يصبح التمثيل حقيقياً  ومعبراً عن ارادة الناس، ويؤمّن مصالح الشعب ويلبّي طموحاته وما يصبو اليه لبناء دولته العصرية، بعيدا عن اي اعتبارات طائفية او مذهبية او مناطقية….

فمنذ العام 1927 اعتمد لبنان عددا من القوانين الانتخابية بتعديلاتها، بدءاً بقانون 17/10/1927 مروراً بقانون 18/3/1943، وقوانين ما بعد الاستقلال 1950، 1952، 1957، وصولا الى قانون 1960 الذي يُعرف “بقانون الستين”، وقد اعتُمد هذا القانون لأربع دورات انتخابية 1960، 1964، 1968 و 1972,  في العام 1996 عُدِّل قانون الستين وأجريَت الانتخابات وفقا للقانون المعدّل، وفي العام 2000 أيضا تم تعديل بعض المواد واطلق عليه “قانون الألفين”وعلى اساسه جَرت  الانتخابات. وفي العام 2004  أقر مجلس النواب بعض التعديلات على قانون “الألفين” واعتُمد في انتخابات العام 2005، والذي جُوبِهَ باعتراضات كثيرة من قبل بعض الأفرقاء، في العام 2008 بعد مؤتمر الدوحة عاد لبنان واعتمد “قانون الستين” مع بعض التعديلات بمواده، جرت على أساسه انتخابات 2009، وأخر هذه القوانين هو القانون رقم 44 الصادر عام 2017، الذي نقل لبنان من نظام أكثري إلى نظام نسبي أكثر شمولًا يسمح باعتماد الصوت التفضيلي وبتمثيل أكثر دقّة، إضافةً إلى السماح للمواطنين اللبنانيين غير المقيمين بالاقتراع. وتجدر الإشارة إلى أنّ القانون أدخل أيضًا للمرة الأولى (المادة 84) الاقتراع عبر بطاقة تعريف ممغنطة، الأمر الذي اعتبره بعض المشرّعين ضروريًّا لافتتاح مراكز اقتراع كبيرة تسمّى “ميغا سنتر” للاقتراع في المدن الكبرى.

وعلى الرغم من أنّ القانون يتضمّن بعض الإصلاحات المهمّة، إلا أنّه يحتوي على بعض الأحكام التي من شأنها أن تقوّض النظام النسبي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر صغر حجم الدوائر الانتخابية وطريقة الإدلاء بالأصوات التفضيلية، ومصادرة رأي الناخب وتضييق هامش خياراته والحدّ من حريته في الاختيار، إذ انه لا يسمح القانون بالاقتراع الا للائحة واحدة وصوت تفضيلي واحد. مما أدى الى تكريس الطائفية والزبائنية السياسية .

هل سيحظى اللبنانيون بقانون انتخاب يؤمن صحة التمثيل؟؟؟ يؤدي إلى قيام دولة مدنية…

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. تمنيات قد تغير وجه لبنان وخطوة جدية وناجحة للتقدم والرقي. انما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن . والطبقة السياسية لن تسير مع تيار هذه التمنيات لأنها تعطل اجندتها وتكبل رغباتها المبرمجة والمجدولة على النهب والسرقة والسيطرة الكاملة على المواطن . طالما هي المستفيدة اولا واخيرا تعمل لأن تكون هذه التمنيات الضرورية للتغيير حبرا على ورق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »